[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
خصوصية شهر رمضان وفضائله
كتب الشيخ العلامة / محمد بن سلمان بن حسين ابوجامع
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] اضافة تعقيب | ارسل لصديق | طباعة الخبر | |
23/08/2011 18:30:38
الحمد لله على كل حال والصلاة والسلام على محمد والآل والصحب الجلال وبعد: لقد خص الله سبحانه وتعالى من مخلوقاته ما شاء فشرفها, وميزها لتكون عنوانا لمن بذل وسعه في تحصيل رضاه جل وعلا؛ فاختار
[rtl]الملائكة واختار منهم الملائكة المقربين وعلى رأسهم الروح الأمين جبريل عليهم السلام , واختار من كتبه صحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل والقرآن , واختار من الخلق على أرضه البشر , وشرفهم بالعقل والتكليف لعمارتها ؛ واختار آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران , واختار منهم الرجال للنبوة والرسالات عليهم السلام ؛ وحوارييهم وخلفاءهم والشهداء والأولياء والصالحين والعلماء العاملين عليه الرضوان أجمعين ؛ ومن النساء سيدات نساء العالمين : امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وأمهات المؤمنين خديجة وعائشة وزينب رضي الله عنهن كلهن , وأم الأيتام التي عزفت عن الزواج وحرمت نفسها من متع الحياة لتربيتهم , واختار من الخلق العلوي - السماء - العرش والكرسي واللوح المحفوظ وسدرة المنتهى , واختار من الأرض بيوته المساجد وفي مقدمتها : المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي , ومن الأماكن جبل عرفات ومزدلفة ومنى والواد المقدس طوى , واختار من الأزمنة والشهور : شهر رمضان وليلة القدر والفجر والليالي العشر ويوم الحج الأكبر-يوم عرفة- والعيدين وأيام التشريق وثلث الليل الأخير بالقيام والاستغفار وساعات الصلاة , وحالات القرب منه سبحانه ؛ كحال السجود والضراعة والبكاء من خشيته , واختار من أعضاء الإنسان : القلب المخموم , والعقل المهموم بالتفكير في الله تعالى وآلائه , والعين الباكية من خشيته والحارسة في سبيله , واللسان الذاكر الشاكر , وقد كلف الله تعالى البشر بعبادتة وبين الغاية من خلقهم فقال :' وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين '56/الذاريات , وجعل تلكم العبودية – عقيدة وشريعة – شرعةً ومنهجاً لا يصدر الإنسان عنها بل جعلها سياجا له كما سنذكر لاحقا , فإن كان من شغل نفسه بها ؛ فالسعادة في الدنيا حليفه وفي الآخرة فكاكه , وإلا فالتعاسة حياته والجحيم مصيره , ولما كان أمر العبادة كذلك ؛ فللعبادة ثمرة لا تغفل , ومذاق لا ينكر , لا يعرفه إلا من ذاق , وهي كما يلي :[/rtl]
[rtl]1- عبادة الذكر وثمرته : طمأنينة القلب وسكون الجوارح والأمن , قال تعالى :' ألا بذكر الله تطمئن القلوب '28/الرعد , وقال :' الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم زادتهم إيمانا... '9/الأنفال , وقال :' ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله '16/الحديد , وقال عليه السلام :' ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا '[/rtl]
[rtl]أخرجه/ أحمد ومسلم واللفظ له والترمذي والبزار وأبو يعلى وغيرهم , وقوله :' ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في المفر كما يكره أن يقذف في النار 'أخرجه/ أحمد والبخاري واللفظ له ومسلم والنسائي وابن ماجة وغيرهم . وقال :' سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه 'أخرجه/ البخاري واللفظ له ومسلم وغيرهما , وقال :'قال رجل يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال : لا يزال لسانك رطب بذكر الله 'أخرجه/ الترمذي وغيره وصححه العلماء .[/rtl]
[rtl]2- عبادة الصلاة وثمرتها : النهى عن الفحشاء والمنكر والبغي , وقد صدر الله تعالى سورة المؤمنون التي سجل فيها فلاحهم بالصلاة فقال :' قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ... '1/المؤمنون , وقال :' إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ... '45/العنكبوت , وهناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى , فإذا ما خلا المجتمع من الفحشاء والمنكر والبغي كان مجتمعا أمنا مطمئنا وتلك هي الثمرة الحقيقية للصلاة .[/rtl]
[rtl]3- عبادة الزكاة ؛ وثمرتها : غسل للناس وطهرة لهم من معاصيهم وهي سبب كذلك في دخول الجنة وكف النار عنهم , قال تعالى :' خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ... '103/التوبة , ولقد جاء في الحديث أن ابن الخصاصية قال :' أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أصلي الخمس وأن أصوم رمضان وأؤدي الزكاة وأجاهد في سبيل الله قال : فقلت يا رسول الله : أما اثنتان فما أطيقهما : الجهاد في سبيل الله فإنهم زعموا أن من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله وأخشى إن حضرت ذلك خشعت بصري وكرهت الموت والصدقة فما لي إلا غنيمة وعشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهن قال فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال : لا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة قلت يا رسول الله أبايعك فبايعته عليهن كلهن 'أخرجه/ محمد بن نصرالمروزي .[/rtl]
[rtl]4- عبادة الصيام ؛ وثمرته : إيجاد التقوى في الصائمين كما بين الله تعالى والتي هي أساس لكل بناء شامخ فقال :' أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم ... '109/ التوبة, وكذلك بين سبحانه في آيات أخرى أنها : ميزان التفاضل بين الناس كما في الآية 13/الحجرات, وأنها خير الزاد كما في الآية 197/البقرة, وأنها خير الثياب كما في الآية 26/الأعراف, وأنها سبب في القرب ومقامات النعيم في الجنة كما في الآية 45/الحجر والآية 55,54/القمر والآية 31-36/النبأ ..[/rtl]
[rtl]5- عبادة الحج ؛ وثمرته : شهود المنافع وكونها موسم الاجتماع السنوي لأكبر مؤتمر بشري وتلك خصيصة لهذه الأمة العملاقة لو أحسن استغلاله من خلال التعارف فيما بينها بتبادل الخبرات وتدارس أحوال الأمة المسلمة ومناقشة قضاياها وإيجاد الحلول لها , فالأمة المسلمة عظيمة بإيمانها وإسلامها وعلمها وأفرادها وأرضها ومقدراتها, ومؤتمر كهذا لا يليق إلا بها إذ قال تعالى :' وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وليذكروا أسم الله في أيام معلومات ... '27/الحج .[/rtl]
[rtl]6- عبادة الجهاد في سبيل الله عز وجل ؛ وثمرته : رفع كلمة الله عز وجل وإخضاع الخلق لشرعه وإقامة أمره , قال تعالى :' ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما '74/النساء وقال :'والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ... '69/العنكبوت .[/rtl]
[rtl]وبعد فقد أختص سبحانه وتعالى من بين العبادات ألتي كلف بها عباده عبادة الصيام لما فيه من مراقبة ذاتية لا يطلع عليها غيره ومنها:[/rtl]
[rtl]1- تخصيصه بنسبة العبادة – الصيام- فيه إليه عز وجل وما فيه من تشريف مع أن كل العبادات له سبحانه قال عليه السلام :' يقول الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به 'أخرجه/ أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم .[/rtl]
[rtl]2- تخصيصه بتحقيق أخص خصوصيات العبادة وهي التقوى :' … كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ '185/البقرة ، '... لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ' 187/ البقرة .[/rtl]
[rtl]3- تخصيصه بإنزال القرآن الكريم في إحدى لياليه 'ليلة القدر' التي هي خير من ألف شهر ... بل وتخصيصه بإنزال سائر الكتب فيه كذلك .[/rtl]
[rtl]* قال رسول الله عليه السلام :' أنزل الله تعالى صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، والتوراة لست منه، بعدها بسبع مائة عام، والزبور لثماني عشرة منه، والإنجيل لثلاث عشرة منه بعد الزبور، بألف ومائتي عام، والقرآن لأربع وعشرين من جملة في اللوح المحفوظ بعد الإنجيل بستمائة وعشرين عاما ' قال السيوطي: قال ابن حجر في فتح الباري:قد أخرج هذا الحديث:أحمد والبيهقي في الشعب بلفظ:'أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان'.[/rtl]
[rtl]*وأخرج ابن مردويه الحديث المتقدم بزيادة في أوله :' إن الزبور أنزل لثنتي عشرة خلت من رمضان ، والإنجيل لثماني عشرة ... ' وذكر الحديث .[/rtl]
[rtl]*وجاء :' أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان 'أخرجه/ أحمد – وأشار إليه العلماء بالحسن لخلافهم في عمران القطان - والطبراني .[/rtl]
[rtl](قلت) : وفي رواية :' أنزلت الصحف على إبراهيم في ليلتين من رمضان ...' أخرجه / الحاكم وابن عساكر .[/rtl]
[rtl]4-خص لكون ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر إحدى لياليه ، إذ تعدل (83) ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة , وأعمار هذه الأمة ما بين (60-70) الستين إلى السبعين سنة .[/rtl]
[rtl]5- وهناك جملة من الفضائل الأخرى التي خص بها شهر رمضان منها :[/rtl]
[rtl]أ- أن الشياطين تسلسل في أول ليلة منه .[/rtl]
[rtl]ب- أن أبواب السماء تفتح في أول ليله منه وكذا أبواب الجنان.[/rtl]
[rtl]ج- أن النيران تغلق في أول ليلة منه .[/rtl]
[rtl]د- أن من فطر فيه صائما فله مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيء.[/rtl]
[rtl]هـ- أن صائميه يوم القيامة يأكلون ويشربون والناس في شدة وعناء.[/rtl]
[rtl]و- أن صائميه يخصون يوم القيامة بباب لهم في الجنة يقال له الريان.[/rtl]
[rtl]ز- أن – خلوف - ريح أفواه صائميه أطيب عند الله تعالى من ريح المسك .[/rtl]
[rtl]ح- أن لله تعالى في كل ليلة منه عتقاء من النار ؛ وفي آخر ليلة منه يعتق سبحانه بمقدار ما أعتق في الشهر كله .[/rtl]
[rtl]ط-أن من صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه،وفي رواية خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .[/rtl]
[rtl]ي- أنه أعظم شهر يمر على المسلمين وأشر شهر يمر على المنافقين .[/rtl]
[rtl]ك- أن صومه وستة أيام من شوال تعدل صيام الدهر , أي صيام سنة .[/rtl]
[rtl]ل- أنه سبب عظيم كما تقدم لمغفرة الذنوب فمن أدركه فمات فلم يغفر له فادخله الله النار فأبعده ، فأمّن رسول الله عليه السلام لما طلب إليه جبريل عليه السلام على ذلك .[/rtl]
[rtl]وآخر دعوانا أن الحمد لله على كل حال[/rtl]
[rtl]حرر بمدينة بني سهيلا من أرض الرباط فلسطين[/rtl]
[rtl]وكتب : رئيس هيئة علماء السلف في فلسطين[/rtl]
الشيخ الأستاذ الدكتور/ محمد بن سلمان بن حسين أبو جامع